في شتاء الحرب.. الدول العربية تنافس لتكون "البيت الشتوي" للأوروبيين

في شتاء الحرب.. الدول العربية تنافس لتكون "البيت الشتوي" للأوروبيين

مع دخول فصل الشتاء، زاد التوتر والخوف في أوساط الشعوب والحكومات الأوروبية بسبب أزمة الغاز الناتجة عن إيقاف روسيا ضخ غازها نحو أوروبا بشكل كامل، إذ ارتفعت أسعار الغاز في أسواق العالم بنسبة 30% بزيادة 400% مقارنة مع السنة الماضية.

ومن المتوقع فرار ملايين الأوروبيين إلى دول سياحية دافئة، وتبقى بعض الدول العربية محط أنظار الأوروبيين وفي مقدمتها مصر.

وفي بيان لها، قالت رابطة منظمي الرحلات السياحية، إن تركيا واليونان ومصر ستتنافس في الشتاء المقبل، على "اصطياد" المتقاعدين الأوروبيين وخاصة الألمان منهم، بعدما أعلنت هذه الدول عن طموحاتها في أن تصبح بمثابة البيت الشتوي للأوروبيين الراغبين في توفير المال عن طريق زيارة المناطق الدافئة، وسيشتد التنافس بشكل خاص من أجل اجتذاب المتقاعدين الأوروبيين الذين يقدر عددهم بـ150 مليون شخص.

من جانبها، أطلقت هيئة تنشيط السياحة المصرية، حملة ترويجية كبرى في أوروبا، لجذب الراغبين في نمط الإقامة المطولة بمصر تحت عنوان “long stay in egypt”. 

وفي تصريحات له، أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة تنشيط السياحة عمرو القاضي: أن الترويج للإقامة الطويلة وبرامج السياحية طويلة المدة في مصر يأتي تزامنا مع الأزمة التي تمر بها أوروبا خلال هذا الشتاء ونقص الغاز للتدفئة. 

وأشار القاضي إلى أن الحملة الترويجية للإقامة الطويلة يتم إطلاقها في 4 دول هي "فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا"، ولمدة 4 إلى 6 أسابيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كذلك تُعد تونس والمغرب والإمارات من الدول السياحية المستهدفة من قبل السائحين الأوروبيين، حيث تُعد دبي من المدن الشابة الحديثة التي نمت بشكل سريع، وتشهد تطورا في قطاعات السياحة بشكل مستمر لجذب أكبر عدد من السياح، وتضم مختلف المطاعم الراقية، وأطول ناطحة سحاب في العالم، و65 مركزًا تجاريًا فاخرًا.

كيف استعدت المغرب؟

وعلقت الكاتبة العامة للكونفدرالية الوطنية للسياحة، والمستشارة في ميدان الاستراتيجية بدولة المغرب، وصال الغرباوي بقولها، إن قطاع السياحة المغربية من أهم ركائز الاقتصاد الوطني حيث يمثل حوالي 7% من الناتج الداخلي الخام، ويشغل حوالي نصف مليون عامل بصفة مباشرة ويجلب سنويا 8 مليارات دولار بالعملة الصعبة مع تسجيل ما يزيد على 15 مليار دولار للقطاع.

وتابعت في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، تحتل الوجهة المغربية المرتبة الثالثة عالمياً من حيث حسن الضيافة “حسب التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Foru”، وتحتل المغرب المرتبة الخامسة من حيث الأمن حسب نفس التقرير.

وعن كيفية استعداد المغرب لاستقبال الأوروبيين في أزمة الشتاء التي يواجهونها، استكملت: نحن نأسف للوضع المقلق الذي يعيشه العالم خاصة فيما يتعلق بأزمة الطاقة، ومنذ عدة سنوات لاحظنا تفضيل بعض دول الغرب للمغرب لقضاء شتاء دافئ زهيد السعر مقارنة ببلادهم ودول سياحية أخرى، لذا عمدنا إلى تحسين الخدمات من طرق وفنادق وتطوير للمناطق السياحية مما يجعل السائح يقضي شتاء ممتعًا لدينا، ولأجل ذلك وفرت المغرب الطاقة اللازمة لاستقبالهم مع مراعاة حسن الاستهلاك. 

وعن الفنادق والتجهيزات التي تتميز بها المغرب لجلب السياحة الأوروبية شتاء أضافت، استطاع المغرب أن يجلب أشهر وأكبر العلامات الدولية في ميدان الفندقة والإيواء السياحي، بفضل سياسة محكمة للنهوض بالقطاع كله، ولتحفيز الاستثمار في هذا المجال، فالفنادق ودور الضيافة تتناسب والسياحة العالمية، كذلك تتميز المغرب بشبكة طرق سهلة ومميزة، وشبكة سكك حديدية فائقة السرعة، وكذلك شبكة الخطوط الجوية الداخلية، مما يُسهل الربط بين عدة مدن ومناطق سياحية، تجعل من تجربة الزوار تجربة ناجحة و متنوعة. 

تونس والسياحة الخضراء

وبدورها، قالت الكاتبة التونسية، ريم خليفة، إن تونس قادرة على توظيف المناخ الدافئ والمشمس في أشهر نوفمبر، وديسمبر، ويناير، وفبراير، لاستقطاب آلاف الأوروبيين الباحثين عن ملاذات أكثر دفئاً تقيهم تداعيات أزمة الغاز الروسي، والسياحة الإيكولوجية هي مستقبل السياحة في تونس، حيث تختلف عن السياحة التقليدية المرتكزة في النزل والشواطئ التي تم استنزافها، كما أنها تؤسس لثقافة السياحة الخضراء المستدامة التي تراعي البيئة، وتحد بطريقة غير مباشرة من خطر التغير المناخي، لأنها أقل استهلاكًا للطاقة وأقل إنتاجا للغازات الدفيئة. 

وأضافت في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، تندرج السياحة الإيكولوجية في إطار منظومة الاقتصاد الأخضر الذي يرمي إلى تحقيق نمو مستدام، يقي تونس في العقود القادمة المخاطر البيئية والتطرف المناخي، ويحافظ -خاصة- على التنوع البيولوجي، وتؤدي السياحة الإيكولوجية دورًا توعويًا إلى جانب دورها الترفيهي فتعرف بالمناطق الخضراء في تونس وتخلق وعيًا جماعيًا يشمل السياح.

وأردفت، هي أيضا شكل من أشكال تحقيق العدالة المناخية في دول الجنوب، وتونس خير مثال على ذلك، خاصة أنها من أكثر الدول عرضة لخطر التغير المناخي في البحر الأبيض المتوسط، ومن الأنشطة الموجودة في هذا النوع من السياحة الرياضة الجبلية أو الشاطئية، والتخييّم والسياحة الزراعية وأنشطة بحرية الغطس، كما يقدم فرصة للتشبيك بين الجمعيات البيئية والمنظمات المحلية والعالمية، أيضًا يدمج الشباب في العمل البيئي ويخلق لهم فرص شغل ويقلل من ظاهرة الهجرة غير النظامية والنزوح الداخلي نحو المدن. 

وتابعت، “من هذه المشاريع مشروع دار بية في محافظة باجة، الذي ركز صاحبه فيه قبابا صديقة للبيئة إلى جانب المنتجعات البيئية، لذلك يجب تطوير الإطار المؤسسي والتشريعي بما يتماشى مع السياحة الإيكولوجية وخصوصيتها وتسهيل عملية بعث مثل هذه المشاريع أمام الشباب والجمعيات وتحسين البنية التحتية من طرقات للتنقل وأيضا تعزيز الجانب الأمني لاستقطاب السياح والتنشيط الاقتصادي في ظل هذه الأزمة العالمية على كافة الأصعدة والمستويات”.

مصر مستعدة

وقال وكيل أول وزارة السياحة المصرية، حمدي الشامي، إن مصر تبذل أقصى جهودها لكسب السائح الأوروبي وإدارة الموقف بشكل جيد، حيث تمتاز بموقعها الدافئ وشواطئها الآمنة وخدمتها المتميزة وأسعارها البسيطة، والسياحة المصرية ليست آثارًا فقط، وإنما أيضًا مدن ساحلية.

وأضاف، ينبغي على جميع الفنادق المصرية ومنظمي السياحة تنفيذ برامج سياحية تدعم الإقامة الطويلة خصوصا في الموسم الشتوي الحالي، لأن المدن الأوروبية تمر بأزمة في توفير الغاز، لذلك طالبت بتقديم كل البرامج التحفيزية لتشجيعهم على قضاء الشتاء في مصر.

وأشار إلى وجود 1700 أسرة من كبار السن من القارة الأوروبية يأتون إلى الأقصر لقضاء الشتاء فيها، واستهداف 1500 أسرة أخرى من القارة الأوروبية هذا الشتاء. 

وأكد أن الدولة المصرية لديها خطة ترويجية شاملة تبدأ في سبتمبر وسيتم مخاطبة النقابات الأوروبية كي نستهدف شرائح سياحية وأسرا من أوروبا، ومصر تتواصل مع 9 مصادر في أوروبا وألمانيا وإيطاليا والسويد والدنمارك لزيادة التدفق السياحي من أوروبا، وخصوصًا التدفق من الأسر كبار السن وعالي الإنفاق.

فرصة للطرفين

وقال أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، رشاد عبده، إن أزمة الطاقة في أوروبا تمثل جزء كبيرًا من منظومة حياة المواطن اليومية، ولذا أخذت الدول الأوروبية إجراءات احترازية عدة منها تخفيض 15%، وهو أسلوب حياة لم تعتده الشعوب الأوروبية.

لذا تعد منطقة الشرق الأوسط الدافئة بشمسها الساطعة طوال العام، مكانا مناسبا وجيدا لقضاء الشتاء، خاصة وأن الأسعار أقل بكثير من أوروبا بسبب فرق العملات، وهناك مناطق سياحية عديدة في تونس والمغرب ومصر وغيرها سياحية، تمتاز بفنادق مميزة ذات سياحة أقل تكلفة، وبالفعل هناك زحام على الفنادق والمتاحف المصرية.

وتابع أستاذ الاقتصاد في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، تعد فرصة للطرفين؛ الطرف الأوروبي والدول العربية المستفيدة من "التصدير الداخلي"، بمعنى ما يقوم به السائحون الأجانب من شراء سلع عربية، كذلك الإيرادات والعملة الأجنبية، مما يعني تعزيز احتياط النقدي المركزي، وبالتالي تستطيع تلبية احتياجات شعبها.

وعن العائد الاقتصادي، قال "كل دولة وشطارتها"، على حسب وعي الدولة وبرامجها التي تعدها لاستقبال الأوروبيين وما تحدده من أسعار الإقامة وغيرها.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية